يقول أحد الشباب نحن مجموعة من الشباب ندرس في احدى الجامعات وكان من بيننا صديق عزيز يقال له "محمد" ... كان محمد يحي لنا السهرات ويجيد العزف على الناي حتى تطرب عظامنا ... والمتفق عليه عندنا سهرة بدون سهرة ميتة لا أنس فيها ... مضت الأيام على هذا وفي يوم من الأيام جاء محمد إلى الجامعة وقد تغيرت ملامحه وظهرت عليه آثار السكينة والخشوع فلجأت إليه أحدثه فقلت: يا محمد ما بك؟ كان الوجه غير الوجه، فرد عليه محمد بلهجة عزيزة وقال: نفسي... آمالها ... أنفاسها: رئة ثالثة ... دعواتها: نجاة... أقدامها: جنة... قسوتها: إرشاد... وجودها، حياة... من أكون بدونـــه؟؟؟؟؟؟؟ فيـــارب لا تحرمني وجودها... طلقت الضياع والخراب... وإني تـائــب إلــى الله فقال له الشاب: على العموم لدينا سهرة لا تفوت وسيكون عندنا ضيف تحبه إنه المطرب الفلاني... فرد محمد عليه أرجوا أن تعذرني فقد قررت أن أقاطع هذه الجلسات الضائعة... فجن جنون هذا الشاب وبدأ يرعد ويزيد... فقال له محمد: اسمع يا فلان... كم بقي من عمرك؟ ها أنت تعيش في قوة بدنية وعقلية .... وتعيش حيوية الشباب فإلى متى تبقى مذنبا غارقا في المعاضي... لما لا تغتنم هذا العمر في أعمال الخير والطاعات... وواصل محمد الوعظ وتناثرت باقة من النصائح الجميلة... من قلب صادق من محمد التائب... يا فلان إلى متى تسوف، لا صلاة لربك ولا عبادة... أما تدري أنك قد تموت اليوم أوغدا... كم من مغتر من شبابه وملك الموت عند بابه، كم من مغتر عن أمره منتظرا فراغ شهره وقد آن انصرام عمره... كم من غارق في لهوه وأنسه وما شعر أنه قد دنا غروب شمسه... يقول هذا الشاب: وتفرقنا على ذلك وكان من الغد دخول شهر رمضان... وثاني أيام رمضان، ذهبت للجامعة لحضور محاضرات السبت فوجدت الشباب قد تغيرت وجوههم... قلت: ما بالكم؟ قال أحدهم: محمـد بالأمس قد خرج من صلاة الجمعة فصدمته سيارة مسرعة... لا إلـه إلا الله، قد توفاه الله وهو صائم مصلي، الله أكبر... ما أجملها من خاتمة... قال الشاب: صلينا على محمد في عصر ذلك اليوم وأهلنا على التراب وكان منظرا مؤثرا....
يارب ارزقنا حسن الخاتمة.