وتطرح أزمة اليونان تساؤلات عديدة منها هل الأزمة اليونانية هي إحدى تداعيات الأزمة المالية العالمية التي وقعت قبل عام ونصف العام تقريبا؟ وهل هذه الأزمة نتيجة السياسات الإقتصادية للحكومة اليونانية الإشتراكية برئاسة جورج باباندريو أم أنها نتيجة تراكمات سابقة لحكومات يونانية متعاقبة؟ ولماذا تتخذ دول الإتحاد الأوروبي هذه المواقف من اليونان إذا كان هناك إتحاد فيما بينهم فعليًّا، وليس شكليًا. حيث من المعروف أن الإتحاد قوة ودعم للضعيف وقت الأزمات أم أنه إتحاد للأقوياء ولدول الشمال في أوروبا فقط وليس لدول جنوب المتوسط؟
وإذا كانت دول في جنوب المتوسط مثل البرتغال، وأسبانيا، وإيطاليا "رجل أوروبا العجوز" مرشحة أيضا لوقوع أزمات إقتصادية خلال الفترة القادمة كما يتوقع البعض مع إختلاف المعطيات الإقتصادية لكل دولة على حدة فهل سيتعاطى الإتحاد الأوروبي مع أزماتهم المتوقعة على قدر تعاطيه مع أزمة اليونان؟ وهل درست مفوضية الإتحاد الأوروبي إقتصاد اليونان وديونه الخارجية ومدى ملائمته لشروط الإنضمام إلى الإتحاد الأوروبي قبل الموافقة عليها أم أن جاءت الموافقة على ضم اليونان للإتحاد لأسباب سياسية من بينها تركيا؟ وماهي إنعكاسات أزمة اليونان واليورو على دول الخليج الست وخاصة الكويت؟ وقد طرحت "إيلاف" هذه التساؤلات وغيرها على بعض الخبراء والمتخصصين في الأسواق الإقتصادية وعالم المال في الكويت. فماذا قالوا؟
لا إنكشاف للخليج
وفي البداية قال د.صادق البسام رئيس قسم المحاسبة في كلية العلوم الإدارية بجامعة الكويت إن إنعكاسات أزمة اليونان على دول الخليج عامة والكويت خاصة يعتمد على إنكشاف الخليج على اليونان والأزمة اليونانية، وقد تكون هناك بنوك خليجية لها حقوق أو مطالبات على بنوك يونانية وهذا سيؤثر على حقها، لكن من خلال الإحصائيات التي ظهرت في الفترة الأخيرة أن الخليج ليس لديه إنكشاف على اليونان وأزمتها.
نقطة ضعف
وتابع: "ولا شك أن الأوروبيين معنيون بمشكلة اليونان لأنها تمثل نقطة ضعف في الإتحاد الأوروبي في حالة عدم مساندتها وإفلاتها من الأزمة، ولكن المشكلة هي أن الإتحاد الأوروبي لديه مشاكل كثيرة وأولويات. وقد يتطلب موضوع اليونان ودعمه تضحيات من اليونان نفسه خاصة في ظل تصريح رئيس وزرائه الذي قال "إن مشاكل اليونان ليست سببها أوروبا وإنما مشاكل داخلية نتجت عن الإدارة الخاطئة للأزمة، وأنه في حالة دعم الإتحاد الأوروبي اليونان فهو تفضل من الأوربيين علينا"، وأيضًا ألمانيا تعمل عن كثب مع اليونان لحل أزمتها لتحديد حجم المشكلة ومعالجتها وهذا يتطلب ضخ مليارت الدولارات من أوروبا في الإقتصاد اليوناني، لأن المشكلة أصبحت مشكلة إجتماعية وإقتصادية وسياسية وقد تطيح بالحكومة وتسقطها وتعمل على تغييرها وأيضًا ترنح الإتحاد الأوروبي وعدم قدرته على العطاء والوفاء بتعهداته لبعضه البعض.
تراكمات لحكومات سابقة
وأضاف أن لاشك أن سياسات الحكومة اليونانية لها دور أيضًا وأدت إلى تراكمات، وكما نعلم أن السياسات والقواعد الإشتراكية تحد من قدرة السوق على القيام بدوره كما يجب، فضلا عن سياسات الحكومات السابقة لها دور أيضا في مثل هذه التراكمات، مضيفا أن اليونان ستخرج من هذه الأزمة لكنها لن تتعافي منها تماما وستبقى الجروح مستمرة لفترة أطول مقارنة بالدول الأوربية الأخرى، وستكون اليونان من الدول الأخيرة في التعافي من الأزمة المالية العالمية، وأوروبا لن تمنح اليونان وجبة مجانية بل ستكون هناك إلتزامات مستقبلية على اليونان الوفاء بها، كما قد تحصل على قروض من البنك الدولي بضمانات أوروبية وهذه السياسات الخاطئة من الحكومات تؤدي بالنهاية إلى تراكمات ومشاكل إقتصادية ومالية تستمر لفترات طويلة في المستقبل.
تعافي بطيء
وعن تصوره المستقبلي للأزمة المالية العالمية ولأزمة اليونان رأى البسام: أن التعافي من الأزمة المالية العالمية سيكون بطيئًا لكونها أزمة عميقة كبيرة جدًّا وتقريبًا العالم بدأ يستقر وضعه في نهاية العام الماضي وبداية العام الحالي، لكن لم نخرج من الأزمة تمامًا فلا تزال هناك بؤر متوهجة قد تنفجر في أي لحظة بأي وجهة من وجهات العالم وتعيق التعافي، ومتوقعًا أن العالم لن يتعافى من الأزمة المالية العالمية قبل العام 2015، وذلك لأن الأزمة أصابت الدول بمراحل متفاوتة وقدرة الدول على الخروج من الأزمة متفاوتة، ويمكن للولايات المتحدة في العام 2011 أن تخرج من الأزمة لكن تظل الدول الأخرى فيها حتى العام 2015.