الصوماليون باتوا يحبون الجزائر حبّهم لفلسطين
تحضيرات لتسيير أسطول بحري محمل بـ 12.5 ألف طن من المساعدات
أهاب المشاركون في ندوة "الشروق" حول القافلة الجزائرية لإغاثة جوعى الصومال أمس، بالدولة الجزائرية تقديم مزيد المساعدات الإنسانية للصومال، كما تم الإعلان عن تحضيرات تقوم بها جمعية "الإرشاد والإصلاح" لتسيير أسطول بحري إنساني لإيصال 12.5 ألف طن من الأغذية إلى الصومال، موازاة مع الشروع في إعداد الترتيبات العملية لإنجاز 100 بئر ارتوازية موزعة على عديد مناطق هذا البلد المنكوب بالمجاعة.
كما مثلت الندوة التي احتضنتها قاعة المحاضرات بمقر "الشروق" سانحة لأعضاء من طاقم القافلة لسرد مشاهداتهم وانطباعاتهم عن الوضع بالصومال، والأثر الفعال لـ900 طن من المساعدات الجزائرية، أي ما يعادل حمولة 40 شاحنة كبيرة، في إنقاذ أرواح صومالية.
وقُدم بالمناسبة تقييم إيجابي، للأثر الفعلي لـ"القافلة الجزائرية لإغاثة جوعى الصومال"، في إنقاذ الكثير من الأرواح والتخفيف من معاناة النازحين، وتوقف المشاركون مطولا عند الاحتفاء الذي حظيت به المساعدات الجزائرية، والإكبار الذي ينظر به الصوماليون إلى الجزائر. وأشاد المشاركون بالمساهمة الفعلية لـ "الشروق" في القافلة ورعايتها الإعلامية لها.
قال رئيس جمعية "الإٍرشاد والإصلاح" نصر الدين شقلال إن الوفد الجزائري "كان الوحيد الذي وزع المساعدات على الصوماليين بإشراف من أعضائه، عكس المنظمات والدول التي تكتفي بإيصال المساعدات، ثم المغادرة، وهي السمة التي ميزت العمل الإنساني بالصومال منذ 20 سنة". وأضاف رئيس القافلة الجزائرية لإغاثة جوعى الصومال، ضمن هذا السياق إن الجزائريين "وزعوا المساعدات بالمستشفى وبأحد المخيمات، رغم صعوبة الوضع الأمني". ولفت إلى أن ثلثي المساعدات وجهت إلى أقاليم خارج العاصمة مقديشو، منوها هنا بمساعدة منظمة التعاون الإسلامي، وثلاث جمعيات إغاثة محلية لدورها في عملية نقل المساعدات خارج العاصمة.
كما شدّد المتحدث على أهمية إيصال المساعدات إلى مواقع تواجد المتضررين من المجاعة "لأن هذا سيقلل من تدفقهم على مقديشو، وتعرضهم، وخاصة فئة الأطفال، إلى الموت خلال الرحلة بسبب مشقة الطريق والجوع والعطش".
ربع ساعة كانت كافية للقاء رئيس الوزراء
من جهة ثانية، تطرق شقلال إلى الأثر الفعلي للمساعدات الجزائرية، التي بلغت 900 طن من الأغذية أي ما يعادل حمولة 40 شاحنة. فقال إنها "مساعدات معتبرة"، وأن الصوماليين "استقبلوها بفرحة كبيرة، حتى أن رئيس وزراء الصومال استقبلنا في غضون ربع ساعة بعد تقديمنا طلبا لهذا الغرض، والصوماليون الآن يحبون الآن الجزائر حبّهم لفلسطين".
ومقبل إشادته بالمساعدة التي قدمتها الدولة الجزائرية للصومال، لمواجهة المجاعة، فإنه شدّد بالمقابل على ضرورة زيادة حجم المعونات الجزائرية "نريد قدرا أكبر من المساعدات، نريد معونة بحجم الجزائر" على حد قوله. كما دعا مختلف دول العالم إلى التحرك لوضع حد للأزمة الإنسانية "لأن القضية قضية الدول والحكومات، المطالبة بالتحرك وفق استراتيجية عاجلة، وليست قضية مجتمع مدني، فمهما بذل المجتمع المدني ستظل جهوده غير كافية". وأجمع العائدون على ان الوضع في الصومال يقسم القلوب، وان جزائريتنا تفرض علينا العودة للصوماليين بمساعدات اخرى، وقال بعضهم "لسنا جزائريين اذا لم نعد بمساعدات اخرى".
وأعلن المتحدث بالمناسبة، عن تحضيرات جارية لتسيير أسطول بحري إنساني إلى الصومال، وأوضح أن الأسطول "سينقل 12.5 ألف طن من الأغذية إلى الصومال، من بينها الدقيق والعجائن على وجه الخصوص"، وتأتي هذه الخطوة ضمن الجهد التضامني للمجتمع المدني الجزائري، الذي سيشمل، من ضمن وجوه المعونة التي يخطط لها، حفر 100 بئر ارتوزاي بعديد مناطق الصومال، "وقد استلمنا من منظمة التعاون الإسلامي الدراسة التقنية الخاصة بهذا المشروع"، يقول رئيس القافلة الذي أهاب بالمجتمع المدني ووسائل الإعلام المساهمة في إنجاح هذه المشاريع.
ولم يفوت المتحدث الفرصة ليثمن دور "الشروق" في إنجاح القافلة من خلال مساهمتها المعتبرة ورعايتها الإعلامية لهذا الحدث التضامني. وقال، ضمن هذا السياق، إن "الشروق": "مشكورة على رعايتها، بالغة الأهمية، للقافلة".
جوانب روحية... وقافلة كلها بركة
من جانبه، لفت عضو طاقم القافلة الأستاذ محمد البار (إطار بسوناطراك)، إلى البعد الديني في عملية الإغاثة الإنسانية التي نفذتها القافلة الجزائرية. مذكّرا، ضمن هذا الباب، بـ"الأشاعرة" الذين "كانوا إذا أرمدوا (أصابهم الجدب) جمعوا ما عندهم واقتسموه". وأضاف مبرزا أهمية إغاثة الجوعى في القيم الإسلامية، "إن الله عز وجل امتن على قريش، فقال فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف"، يقول الأستاذ البار الذي مضى، خلال الندوة، يعرض "الجوانب الروحية" في القافلة، وقال "خلال عملية التفاوض مع التجار على أسعار المواد التي ستوزع على اللاجئين، تراجع سعر الحليب بواقع دولارين"، الأمر الذي عدّه من "بركات القافلة".
كما تطرق عضو طاقم القافلة، إلى جملة مشاهداته وانطباعاته عن الوضع بالصومال، لاسيما ما شاهده بمخيم "سيد كا" للاجئين بالعاصمة مقديشو "أين جاءت امرأة تتخطى الناس، وقالت نريد دورات مياه، فالناس هناك لا يجدون أين بقضون حاجياتهم".
وخلص المتحدث إلى أن المعالجة الجذرية للوضع بالصومال "تتطلب إرساء التنمية، لاسيما في مجالات توفير المياه، السكن والصحة، بدل الركون إلى نقل المساعدات والاكتفاء بها، فلا تعطه السمكة بل علّمه كيف يصطادها".
محاولات لنشر عقائد غريبة عن شعب الصومال
"وجدنا بلدا منهكا بثلاثة تحديات أساسية، هي الحروب، المجاعة، الجفاف، وبلدا لا يملك شيئا، وشعبا لا يملك إلا الله.. لك الله يا شعب الصومال"، هي الخلاصة التي خرج بها عضو المجلس الشعبي الوطني عبد العزيز بلقايد من مشاركته في "قافلة إغاثة جوعى الصومال". لكن الوضع بالنسبة لبلقايد ليس قتامة خالصة،
"وجدنا شعبا معتزا بدينه لا يقبل مساومة على دينه ووطنه، هناك بلد أراد ابتزاز الصومال بالمساعدات في هذه المسألة، لكنه رفض". في إشارة منه إلى طلب إحدى الدول فتح مركز ثقافي لها بمقديشو، لنشر أفكار وعقائد غريبة عن المجتمع الصومالي، مقابل مساعدات هامة، فقوبل طلبه بالرفض.
بوتفليقة مدعو لترك بصمته بالصومال
بدوره دعا عضو طاقم القافلة رمضان غلاب (أستاذ متقاعد)، الدولة الجزائرية إلى رفد الشقيقة الصومال بالأغذية والمساعدات.
وقال: "أتوجه للرئيس بوتفليقة، ملتمسا منه أن يترك بصمته في الصومال، مثلما ترك بصمته بالجزائر عبر الوئام المدني والمصالحة الوطنية، ولا يتوقف عن مساعدة هذا الشعب المحروم".
ويروي الأستاذ غلاب بعض مشاهداته خلال الرحلة إلى مقديشو: "ما إن تحطّ بك الطائرة بمقديشو، حتى تشعر بالأسى وتقف على حجم الدمار الذي خلفته الحرب الأهلية على مدى 20 سنة". وأردف ضمن السياق نفسه، "الطرقات مهترئة للغاية، ولا توجد بنى تحتية، وترى الناس من أطفال ونساء، يهيمون بالشوارع بحثا عمّا يقيم أودهم، نسأل الله أن يكون في عون هذا الشعب فكل شيء محطم والحرب أتت على الأخضر واليابس والفقر المدقع حالة عامة". وقدم الأستاذ غلاب وصفه لمخيمات اللاجئين بمقديشو، التي طافت بها القافلة: "لا يمكن إطلاق صفة مخيم على تلك التجمعات؛ فالخيم عبارة عن قباب لا تتعدى مساحتها 1.5 متر مربع، وهي عبارة عن قطع من البلاستيك، هذا ما يجعلك تحس بإهانة الشعوب العربية والإسلامية لهذا الشعب". كما نقل عضو القافلة تفاصيل عمّا شاهده بمستشفى "بنادر" للأم والطفل بمقديشو "أين رأيت أطفالا يموتون جوعا، وإذا دخلت مطعم المستشفى ستذرف الدموع، لأنهم يستعملون الحطب في الطهي.. إنك لن تحس أبدا أنك بمستشفى".
الحل بيد خمسة رجال أعمال جزائريين
وغلب المنطق الاقتصادي على مداخلة عضو القافلة رجل الأعمال جعفر شلي، الذي حث المتعاملين الاقتصاديين على دخول المعركة ضد الجوع بالصومال، معتبرا أن هذه الفئة بإمكانها حسم المعركة، فبالنسبة له "لو أن خمسة رجال أعمال جزائريين جمعوا زكواتهم وقدموها للشعب الصومالي، فإني أقسم بالله أنهم سينقذون آلاف الأرواح ولحققوا التنمية بهذا البلد، لاسيما لو عاد النازحون في الفترة التي توافق انطلاق الموسم الفلاحي بعد شهر أو اثنين".
وأسهب المتحدث في سرد نماذج لمعاناة الشعب، ومن ذلك مشهد أم صومالية لثلاثة أطفال، لا تملك من القوت إلا ما يكفي طفلا واحدا، وعليها المفاضلة بين فلذات أكبادها، أيهم تطعمه على حساب أخويه.
وبعد أن خص "الشروق" و"الإرشاد والإصلاح" بالشكر على دورهما في تسيير القافلة، تطرق شلي إلى استقبال الصوماليين للمساعدات الجزائرية، والانطباع الذي تركته هناك، متحدثا عن "حيرة الصوماليين بعد أن جاءهم الجزائريون بعد أن طووا 10 آلاف كم، في حين لم يتحرك جيرانهم لنجدتهم".
منقووووووووووو
وووووووول للفائدة